اطلاق العلة على الأمر غير الخفي
هل العلة تطلق فقط على الامر الخفي ؟
إنّ إطلاق العلة على الأمر الخفي القادح : قيد أغلبي ، لأنا وجدنا كثيراً من الأقوال عن العلماء الجهابذة الفهماء إطلاق لفظ العلة على غير الخفي ، وقد وجدنا في " علل الحديث " لابن أبي حاتم مائتين وسبعة وأربعين حديثاً أعلّت بالجرح الظاهر . ( انظر أرقامها في أثر علل الحديث : 15 - 16 ) ، وانظر إلى قول الحافظ ابن حجر حين قال : (( العلّة أعمّ من أن تكون قادحة أو غير قادحة خفية أو واضحة )) ( النكت 2 / 771 ) وقال : (( إنّ الضعف في الراوي علّة في الخبر والانقطاع في الإسناد علة الخبر ، وعنعنة المدلس علة في الخبر وجهالة حال الراوي علة في الخبر )) ( النكت 1 / 407 ) وفي حوار لنا مع شيخنا العلاّمة الدكتور هاشم جميل تنبهنا إلى أمر آخر ، وهو أنّ المحدّثين إذا تكلّموا على العلة باعتبار أن خلو الحديث منها يعدّ قيّداً لابدّ منه لتعريف الحديث الصحيح . فإنّهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها المعنى الاصطلاحي الخاصّ ، وهو : السبب الخفي القادح . وإذا تكلموا في نقد الحديث بشكل عام فإنّهم في الحالة يطلقون العلة ويريدون بها : السبب الذي يعلّ الحديث به : سواء أكان خفياً أم ظاهراً قادحاً أم غير قادح . وهذا توجد له نظائر عند المحدّثين ، منها : المنقطع : فهو بالمعنى الخاص : ما حصل في إسناده انقطاع في موضع أو في أكثر من موضع لا على التوالي .
وهذا المصطلح نفسه يستعمله المحدّثون أيضاً استعمالاً عاماً فيريدون : كلّ ما حصل فيه انقطاع في أيّ موضع في السند كان ، فيشمل المعلق ، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في أول السند ، والمرسل ، وهو: الذي حصل فيه انقطاع في آخر السند والمعضل ، وهو : الذي حصل فيه انقطاع في أثناء السند باثنين فأكثر على التوالي . ويشمل أيضاً المنقطع بالمعنى الخاص الذي ذكرناه .
وهكذا نرى أنّ مصطلح المنقطع يستعمله المحدّثون استعمالاً خاصاً في المنقطع الاصطلاحي ، ويستعملونه استعمالاً عاماً في كلّ ما حصل فيه انقطاع فيشمل المنقطع الاصطلاحي، والمعلق ، والمرسل ، والمعضل ، وعلى هذا المنوال جرى استعمالهم لمصطلح العلّة ، فهم يستعملونه بالمعنى الاصطلاحي الخاص ، وهو : السبب الخفي القادح ، ويستعملونه استعمالاً عاماً ، ويريدون به : كل ما يعلّ الحديث به فيشمل العلة بالمعنى الاصطلاحي ، والعلة الظاهرة ، والعلة غير القادحة )) . وانظر : أثر علل الحديث : 17 - 18 .