المحاضرة الثالثة
الحديث الضعيف 7/جمادى الآخرة 1425
الحديث الضعيف : هو ما لم يجمع صفات القبول .
وصفات القبول :
1_ الاتصال . 2_ العدالة . 3_ الضبط إن كان تاماً أو خفيفاً . 4_ عدم الشذوذ .
5 ـ عدم العلّة . 6_ وجود العاضد إن احتيج إليه .
فكل حديث فقد شرطاً من هذه الشروط ، أو أكثر فهو ضعيف ، ويتفاوت الضعف ، فكلما فُقدَتْ شروط أكثر كلما ازداد الحديث ضعفاً .
ويتنوع الضعيف إلى أنواع عدة ، منها : المقلوب ، والشاذ ، والمعلّ ، والمضطرب ، والمرسل ، و المنقطع ، والمعضل ، والمدلَّس ، و المنكر ، والمتروك ، والمدرج ، والمصحف ، والمحرف .
متى يتقوى الحديث الضعيف ؟
ليس كل حديث ضعيف يتقوى بالمتابعات والشواهد ؛ فإنَّ بعض الأحاديث يتقوى بذلك ، إذا كان الضعف يسيراً ؛ مثل : الغفلة ، وكثرة الغلط لمن كان حديثه كثيراً ، وسوء الحفظ ، والاختلاط ، وغيرها من أسباب الضعف غير الشديدة .
ونستطيع أن نُقَعّد لذلك قاعدة ، وهو : أنّ كل ما كان ضعفه بسبب عدم ضبط راويه الصدوق الأمين _ الذي لم تثلم عدالته _ فإنّ كثرة الطرق تقويه ؛ فتنفعه المتابعات والشواهد ، و يجبر ضعفه بمجيئه من طريق آخر ، ونستفيد من تلك الطرق المقوية أنَّ حفظ الراوي الأول لم يختلَّ في هذا لحديث خاصة ، بل إنَّه حفظ هذا الحديث ؛ بدليل المتابعات ، أو الشواهد ، وبهذا يرتقي من درجة الضعيف إلى درجة الحسن لغيره .
ويضاف إلى هذا : ما كان ضعفه لإرسال ، أو عنعنة مدلس ، أو لجهالة حال بعض رواته ، أو لانقطاع يسير ؛ فإنَّ هذا الضعف يزول بمجيئه من طريق آخر ، ويصير الحديث حسناً لغيره ؛ بسبب العاضد الذي عضده .
أمّا إذا كان الضعف شديداً ، فهذا لا تنفعه المتابعات ولا الشواهد ، ولا يرتقي حديثه عن درجة الضعيف ، ومثل هذا : من وصف بالكذب ، أو اتهم فيه ، وكذلك من وصف بالفسق ، وكذلك الهلكى ، والمتروكين ، وشديدي الضعف ، فمن كان ضعفه هكذا لا تؤثر فيه كثرة الطرق ، ولا يرتقي عن درجة الضعيف ؛ لشدّة سوء أسباب هذا الضعف ، وتقاعد الجابر عن جبره ، وهذه تفاصيل تدرك بالمباشرة ، قال الحافظ ابن حجر في النـزهة : (( ومتى توبع السيء الحفظ بمعتبر كأن يكون فوقه أو مثله ، لا دونه ، وكذا المختلط الذي لم يتميز والمستور، والإسناد المرسل وكذا المدَّلس إذا لم يعرف المحذوف منه ، صار حديثهم حسناً ، لا لذاته بل وصفه بذلك باعتبار المجموع من المتابع والمتابَع لأن مع كل واحد منهم احتمال كون روايته صواباً ، أو غير صواب على حدٍ سواء )) .
حكم العمل بالحديث الضعيف .
يعمل بالحديث الضعيف بشروط :
أولاً : أن لا يكون في الأحكام .
ثانياً : أن لا يكون في العقائد .
ثالثاً : أن يكون الضعف غير شديد ، فيخرج من انفرد من الكذّابين ، والمتهمين بالكذب ، ومن فحش غَلَطُه .
رابعاً : أن يندرج تحت أصل معمول .
خامساً : أن لا يُعتَقَدَ عند العمل ثبوته ، بل يعتقد الاحتياط .
هذا هو مذهب الجمهور في هذه المسألة ، انظر لذلك : " فتح المغيث " ( 1/ 267-268 – دار الطبري ) . والتدريب ( 1/ 298-299 ) وغيرهما ، والقول المنيف ( ص 48-52 ) ، وذهب جمعٌ من المحققين إلى خلاف هذا القول ، فذهب الإمام ابنُ حزم – رحمه الله – وابن معين – فيما حكاه عنه ابن سيد الناس – وأبو بكر بن العربي – نسبه إليه في فتح المغيث – وأبو شامة المقدسي الشافعي ، والشهاب الخفاجي والجلال الدواني . ومن المعاصرين الشيخ أحمد شاكر والعلامة الألباني – رحمهم الله تعالى – إلى عدم العمل بالحديث الضعيف مطلقاً لا في الفضائل ولا في الأحكام ، والظاهر والأحوط أن الضعيف لا يعمل به مطلقاً ، فالشروط التي ذكرها الأكثرون نظرية غير عملية ، فلازم الشرط الثالث رد بعض الضعيف والأخذ ببعضه ، وأما الشرط الرابع فهو نظري فقط ، إذ ممكن ان يقال : لماذا لا يعمل بالأصل العام ؟
فلا يُحتاج حينئذ للعمل بالضعيف ، والشرط الخامس من الممكن أن يجاب عنه بالقول بأن الأحوط هو ترك العمل بالضعيف ، فكم من حديث ضعيف عمل به ثم أصبح بمنـزلة الثابت عند عوام الناس بل وخواصهم .
كيف يروى الحديث الضعيف ؟
من أراد أن يروي حديثاً ضعيفاً ، فعليه أن يبين ضعف ذلك الحديث ، وإذا لم يُـبَيّنه ، فعليه أن يذكره بصيغة التمريض ، وهي التي تدل على الشك في صحته ( نحو : يروى ، أو يذكر ، أو جاء في بعض المواعظ ، أو نُقلَ ، أو جاء ، أو قيل ، أو روي ، أو بلغنا ، أو روى بعضهم ) .
وكما يكره أن يذكر الحديث الضعيف بصيغة الجزم ( نحو : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو فعل ، أو أقرَّ ونحو ذلك ) ، فكذلك يكره أن يذكر الحديث الصحيح بصيغة التمريض .
هل يلزم من ضعف الإسناد ضعف المتن ؟
لا يلزم من ضعف الإسناد ضعف المتن ، كما إنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن .
أما مظان الحديث الضعيف : 1-كامل ابن عدي 2- الضعفاء للعقيلي 3- المجروحين لابن حبان 4- ميزان الاعتدال 5- المراسيل لأبي داود 6- المراسيل لابن أبي حاتم 7- العلل للدارقطني 8- العلل لابن أبي حاتم 9- العلل لابن المديني 10- نوادر الأصول للحكيم الترمذي 11- كتب الخطيب البغدادي 12- مسند الفردوس 13- تاريخ ابن النجار .