منتدى دار الحديث العراقية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي ( أختي ) الكريم إن كنت مسجلاً تفضل بالدخول ، وإن لم تكن مسجلاً فيسعدنا انظمامك معنا
وجزاكم الله خيراً
منتدى دار الحديث العراقية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي ( أختي ) الكريم إن كنت مسجلاً تفضل بالدخول ، وإن لم تكن مسجلاً فيسعدنا انظمامك معنا
وجزاكم الله خيراً
منتدى دار الحديث العراقية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


السلام عليكم تحية طيبة وأهلاً بك زائر في منتدى دار الحديث العراقية
 
الرئيسيةالسيرة الذاتية أحدث الصورتسجيل دخول الاعضاءدخولشروط التسجيلالتسجيل

إعلان هام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يسرنا أن نقدم لكم هذه البشرى ....
فقد تم تغيير موقع الشيخ العلامة ماهر ياسين الفحل من منتدى دار الحديث العراقية إلى موقع دار الحديث العراقية ، كما يسعدنا زيارتكم للمشاركة والاستفادة من الموقع المبارك . آملين مواصلتنا وعدم الانقطاع عنا ...
إدارة موقع دار الحديث العراقية
الرابط الجديد للموقع
http://www.daralhadeeth.info/mktba

 



 

 دروس تربوية في الأخلاق الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أبو بكر الدوسري
المشرف
المشرف
أبو بكر الدوسري


عدد المساهمات : 150
تاريخ التسجيل : 31/12/2010

دروس تربوية في الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: دروس تربوية في الأخلاق الإسلامية   دروس تربوية في الأخلاق الإسلامية I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 24, 2011 7:17 am

تنبيه لمحاسبة النفس
أخي المسلم هل حاولتَ أنْ تعد حسناتك وسيئاتك كما تعد دنانيرك ودراهمك ؟
هل خلوتَ بنفسك يوماً فحاسبتَها على ما بَدَرَ منها من التقصير والإهمال في جنب الله ؟
هل تأملتَ يوماً طاعتَك التي تقرّبتَ بها إلى بارئك مفتخراً بها فوجدت أكثرها مشوبة بالرياء والسمعة وحظوظ النفس ؟
اعلم أخي المسلم أنَّ محاسبة النفس أمرٌ لا بد منه ، فحاسبْ نفسَك الآن قبل أنْ تُحاسَبَ يوم القيامة ، وَزِنْ حسناتك بسيئاتك في الدنيا قبل أنْ تُوزَنَ يوم الآخرة يوم الحسرة والندامة ، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه .
فعليك أخي المسلم أنْ تتصفح عملك في الليل ما صدر منك ذلك النهار ، فإنْ كان عملك محموداً أمضيته ثم تعمل فيما بعده بمثله ، وإنْ كان ما فعلته في ذلك النهار مذموماً فعليك أنْ تستغفر وتتوب وتستدركه ، وتنتهي عن مثله فيما يستقبل من الأيام .
ثم عليك أخي المسلم أنْ تتثبت دائماً في جميع الأحوال قبل الفعل والترك ، حتى يتبين لك ما تفعل ، فإنْ كان خيراً فاعمل وإنْ كان دون ذلك فاترك .
وتَبصّر دائماً بقوله تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ )) [ الأعراف : 201 ] .
ولمحاسبة النفس فوائد جمة ومنافع عدة ، منها : أنك تطّلع على عيوب نفسك ونقائصها ومثالبها ، ومن ثم تستطيع أنْ تضع الدواء على موضع الداء . وكذلك أنك بمحاسبتك لنفسك تتعرف على الله أكثر ، وتعلم عظيم فضله عليك . ثم إنَّ من أعظم ثمار المحاسبة التوبة والندم وتدارك ما فات من الأعمال الصالحة في زمن الإمكان ، وسيؤول ذلك إلى الاجتهاد في الطاعة وترك المعاصي ؛ حتى تسهل عليك المحاسبة في يوم لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون .

ــــــــــــــــــــــــــ
قطيعة الرحـم

احذر أخي المسلم قطيعةَ الرحم ؛ فإنَّ قطيعة الرحم ذنبٌ عظيمٌ وجرمٌ جسيم ، يفصم الروابط ، ويقطع الشواجر ، ويشيع العداوة والبغضاء ، ويفكك الأسر .

وقطيعة الرحم أمرٌ مزيل للألفة والمودة ، ومجلبٌ لمزيد من الهم والحزن والغم .

وهي من الأمور التي تفشت في مجتمعات المسلمين لا سيما في هذه الأزمان التي طغت فيها المادة ، وقل فيها التواصي والتزاور فكثير من الناس مقصرون في هذا الواجب وواقعون في معصية قطيعة الرحم ، وقد حذّرنا اللهُ من ذلك أشد التحذير بقوله : (( فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ )) [ محمد : 22 ] ، والسبب في إهمال كثير من الناس لصلة أرحامهم هو الجهل بالدين ، وابتعاد الناس عن الهدي النبوي ، فكلما كان الشخص عارفاً بالله كان أخشى لله ، وصلة الرحم من خشية الله ، وقطيعته من معصية الله ، نسأل الله السلامة .
والواصل للأرحام له أجرٌ كبير ، والواصل هو الذي يصل قرابته سواء وصلوه أم قطعوه ؛ ولهذا قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : (( ليس الواصلُ بالمكافئ ، ولكنّ الواصلَ الذي إذا قطعت رحمه وَصَلَها ))(1) .

وصلة الأرحام تكون بزيارتهم وتفقدهم ، وتتبع أحوالهم في السراء والضراء ، وتكون الصلة بالمال وبالجاه ، وبمشاركتهم بأفراحهم وبمواساتهم بأتراحهم .
ومن صلة الرحم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر قال تعالى : (( وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ )) [ الشعراء : 214 ] .

وللقطيعة أسباب تحمل عليها منها الجهل ؛ فإنَّ الجهل بفضيلة صلة الأرحام يفوت على المرء فضيلة ذلك ، وكذا الجهل بخطر القطيعة وعظمة إثم القاطع يحمل عليها . وكذلك من أسباب القطيعة : ضعف التقوى ، وقلة الوازع الديني فإذا ضعفت التقوى ، وَرَقَّ الدينُ لم يبال المرء بقطع ما أمر الله به أنْ يوصل ، ولعل من أكثر أسباب القطيعة الكبر ؛ فبعضهم يتكبر على أقاربه حينما يفيء اللهُ عليه بشيءٍ من عرض هذه الدنيا
الفانية ؛ فتوسوس نفس المتكبر أنَّه صاحب الحق ، وأنه أولى بأنْ يزار ويؤتى إليه . ولعل كثيراً من الناس يدفعهم إلى قطيعة الرحم الشح والبخل ، فمن الناس من إذا رزقه الله مالاً أو جاهاً تجده يتهرب من أقاربه لا كبراً عليهم ، وإنما شحاً وبخلاً أنْ يبذل عليهم .

ومن أسباب القطيعة الاشتغال بالدنيا واللهث وراء حطامها ، فلا يجد المنهمك في جمع حطام الدنيا الوقت الكافي لصلة أقاربه .

وربما كان التحاسد والتنافر سبباً في كثير من الأرحام المقطوعة . ثم إنَّ الوشاية والإصغاء إليها تكون في كثير من الأحايين سبباً في قطيعة الرحم ؛ لأنَّ من الناس من دأبه وديدنه إفساد ذات البين فتجده يسعى بين الأحبة لإفساد ذات بينهم .

واحذر أخي المسلم من إشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى : (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا )) [ النور : 19 ] .
قال ابن رجب : (( قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف : اجتهد أنْ تستر العصاة ، فإنَّ ظهور معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام ، وأولى الأمور ستر العيوب )) (2) فلهذا كانت إشاعة الفاحشة مقترنة بالتعيير ، وهما من خصال الفجار ؛ لأنَّ الفاجر لا غرض له في زوال المفاسد ولا في اجتناب المؤمن للنقائص والمعايب ، إنما غرضه في مجرد إشاعة العيب في أخيه المؤمن وهتك عرضه ، فهو يعيد ذلك ويبديه ومقصوده تنقص أخيه المؤمن في إظهار عيوبه ومساوئه للناس ، ليدخل عليه الضرر في الدنيا (3) .
واحذر أخي المسلم بإشاعتك الفاحشة أنْ يكون الحامل لك على هذا القوةَ والغلظةَ ومحبةَ إيذاء أخيك المؤمن ، وإدخال الضرر عليه ، وهذه الصفة القبيحة هي صفة إبليس الذي يزين لبني آدم الكفر والفسوق والعصيان ليصيروا بذلك من أهل النيران قال تعالى : (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً )) [ فاطر : 6 ] .
ولما ركبَ ابن سيرين الدَّيْنُ وحُبس به قال : (( إني لأعرف الذنب الذي حمل عليَّ به الدين ، ما هو ؟ قلت لرجل من أربعين سنة : يا مفلس )) (4).

.............................. ......
(1) أخرجه : البخاري 8/7 ( 5991 ) ، وهو في الأدب المفرد ( 68 ) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما .
(2) جامع العلوم والحكم 2/292 .
(3) الفرق بين النصيحة والتعيير 18-19 .
(4) أخرجه : أبو نعيم في الحلية 2/271 .

ــــــــــــــــــــــــ

الإشاعة

احذر أخي المسلم من الإشاعة ، والإشاعة : كل قضية أو عبارة نوعية أو موضوعية مقدمة للتصديق ، تتناقل من شخص إلى شخص ، عادةً بالكلمة المنطوقة ، وذلك دون أنْ تكون هناك معايير أكيدة للصدق (1). فالشائعات لها خطورتها في زعزعة أمن الناس واستقرارهم ، وهي تحدث الفوضى والبلبلة في أفكار الناس وتفقدهم توازنهم ، ولها أضرار كبيرة ، وفي أوقات الأزمات تكون أضرار الإشاعة أكبر ، والمرجفون الذين يحاولون زلزلة أوقات الناس في الغالب يستغلون الظروف غير الاعتيادية .
وخطر الإشاعات ظاهرٌ وبيّنٌ في كل زمان ومكان . وفي بغداد مدينة السلام – حرسها الله وأذهب عنها شرذمة الكافرين - ذهب أكثر من ألف شخص في ساعة واحدة نتيجة إشاعة من الإشاعات على جسر من الجسور(2) .
بل إنَّ خطر الإشاعة على أمن واستقرار الناس قد ظهر قديماً وبشكل واضح في قصة الإفك (3) في فجر الإسلام . فالإشاعة أخي المسلم لها تأثيرها على الروح المعنوية في إثارة الفتن والأحقاد بين الناس ، وهذه الفتن والأحقاد قد تؤول إلى جرائم . إذنْ فخطر الإشاعة يكمن في أنها تزيد من تفرُّق المسلمين ، وتوقد نار الشحناء والبغضاء بينهم ، فيجب الابتعاد عن هذا العمل ؛ لأنَّه مُبغَض عند الله تعالى ، قال تعالى : (( إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ )) [ النور : 15 ] فذكر سبحانه وتعالى أنَّ هذا الصنف من الناس يتلقى أعظم الأمور ، وأخطرها بلا مبالاة ولا اهتمام ، فلسان يتلقى
عن آخر بلا تدبر ولا فحص ولا إمعان ، حتى لكأنَّ الأمر لا يمر على الآذان ولا تتملاه الرؤوس ، ولا تتدبره العقول ، فينطق اللسان بالإشاعة الباطلة من غير وعي ولا عقل ولا قلب . فعلى ناقل الإشاعة أنْ يتقي الله في نفسه ، ويراقبه في كل ما يقول ويفعل . وعليه أنْ يتذكر أنَّه مُحاسَب على كل كلمة يتكلم بها ، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم : (( إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها ، يزلّ بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب ))(4) ، وقال أيضاً :
(( إنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات ، وإنَّ العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم ))(5) .
وقال تعالى : (( وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً )) [ النساء : 83 ] . قال الشيخ عبد الرحمان السعدي رحمه الله عن هذه الآية الكريمة : (( هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق ، وأنَّه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين ، أو الخوف الذي فيه مصيبة عليهم أنْ يثبتوا ، ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر ، بل يردونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإلى أولي الأمر منهم ، أهل الرأي والعلم والنصح والعقل والرزانة الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها ))(6) .

أما طرق دحض الإشاعة

فعليك تذكير الناقل للإشاعة بالله وتحذيره من مغبة القول بلا علم . وتذكير الناقل بالعاقبة المتحصلة إذا كانت الإشاعة كذباً . وعدم التعجل في تقبل الإشاعة دون استفهام أو اعتراض . وعدم ترديد الإشاعة ؛ لأنَّ في ذلك انتشاراً لها . وعليك اقتفاء سير الإشاعة وتتبع مسارها للوصول إلى مطلقيها ومحاسبتهم بما أباحه الله .
ثم عليك بإماتتها وبالإعراض عنها ، قال الإمام مسلم صاحب الصحيح : (( إذ الإعراض عن القول المطّرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله ، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيهاً للجُهّال عليه ))(8) .

هذا وينبغي على الجميع حفظ الألسن عن اتهام البريء بما ليس فيه ؛ لأنَّ ذلك يؤدي إلى تلوث الذمم والأخلاق ، وليتذكر المسلم دائماً قوله صلى الله عليه وسلم : (( بحسب امرئ من الشر أنْ يحقر أخاه المسلم ))(9) .


.............................. .........
(1) الإشاعة والحرب النفسية : 45 .
(2) هذا في عام 1426هـ على جسر الأئمة الذي يربط منطقة الأعظمية بمنطقة الكاظمية .
(3) راجع القصة في صحيح البخاري 6/127 ( 4750 ) ، وصحيح مسلم 8/112 ( 2770 ) ( 56 ) . وانظر : الرحيق المختوم : 245 – 247 .
(4) أخرجه : البخاري 8/125 ( 6477 ) ، ومسلم 8/224 ( 2988 ) ( 50 ) من حديث أبي هريرة .
(5) أخرجه : البخاري 8/125 ( 6478 ) من حديث أبي هريرة .
(6) تيسير الكريم الرحمان : 190 .
(7) صحيح مسلم 1/22 .
(8) أخرجه : مسلم 8/10 ( 2564 ) ( 32 ) من حديث أبي هريرة .

ــــــــــــــــــــــــــ

وجوب حفظ اللسان

أخي المسلم الكريم اعلم أنَّ مَن حَفِظَ لِسَانَهُ قَلَّ خطأهُ ، وندر عثاره وكان أملك لزمام أمره وأجدر ألا يقع في محذور ، وقد بشر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من يضمن ذلك وضمن له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الجنة في قوله : (( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة )) وفي رواية أيضاً : (( من توكل لي ما بين رجليه ، وما بين لحييه توكلت له بالجنة )) (1) .
فعلى هذا ينبغي لكل مكلف أنْ يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاماً ظهرت فيه المصلحة ، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة ، فالسنةُ الإمساك عنه لأنَّه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه ، وذلك يحصل كثيراً للكثير من الناس .

فالمسلم إذا استقام لسانه استقامت جوارحه ، وأما من أطلق عنان ذلك الأمر ، ودخل لسانه في معصية الله ، وخاض في أعراض الناس ؛ فإنَّ جوارحه ستعصي وتنتهك حرمات الله ، وقد جاء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : (( إذا أصبح ابن آدم ، فإنَّ الأعضاء كلها تُكفِّر(2) اللسان فتقول : اتق الله فينا فإنما نحن بك ، فإن استقمت استقمنا ، وإن اعوججت اعوججنا )) (3) .

أخي المسلم الكريم ، تذكّر دائماً وقوفك عند الله وأنت عريان ، فلا تطلق لسانك ، وكن عليه رقيباً .
اللسان دليل على كمال عقل الإنسان أو نقصانه ، فمن أفلت لسانه دل على نقصان عقله فأكثر الناس كلاماً ولغواً هم أقلهم عقولاً ، تمعّن جيداً فالأمر جد خطير ؛ لأنَّه متعلق إما بدخول الجنة أو النار ، وهذا ما نرجوه ، وهو العمل على ما يدخل الجنة ، وتجنب ما يدخل النار . اللسان يدخل الإنسان الإسلام بكلمة ، ويخرج منه بكلمة ، ويدخل بذلك النار . تنبه دائماً أنَّ كل كلمة وكل لفظة مسجلة ، كم يجلس الإنسان في مجالس ، وفي أكثر المجالس يأتون بإنسان ميت ينهشون بلحمه يأكلون أخاهم ميتاً ، نعم من يغتاب أخاه المسلم كمن يأكل لحم أخيه ميتاً ، فالمسلم له حرمة ، وحرمته أعظم من حرمة الكعبة فقد روى ابن ماجه (4) من حديث عبد الله بن عمر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول : (( ما أطيبك وأطيب ريحك ، ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأنْ نظن به إلا خيراً )) .

تذكّر أخي المسلم كم إنساناً تكلمتَ فيه ؟ وكم إنساناً طعنتَ فيه ؟ كل هؤلاء سوف يكونون خصماءك عند الله عز وجل ، نعم سيكونون خصماءك يوم القيامة ، فهذا أخوك المسلم تغتابه وتتكلم فيه وتطعن به ، ولا تظنه سيكون خصمك يوم القيامة ، أتظن أنَّ الله سيتركك ؟ لا : إنَّ الله لن يتركك ؛ لأنَّ الله أعدل العادلين ينصف المظلومين من الظالمين . فتنبه دائماً أنَّ الكلمة إذا خرجت فهي مكتوبة لك أو عليك ؛ فإياك وإياك أنْ تتكلم إلا وتفكر هل سيكتب لك أو عليك ؟ والسلامة لا يعدلها شيء فإنْ لم تعرف أنَّ ما تتكلم به خيراً أو شراً فعليك بالصمت ، والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول : (( من صمت نجا ))(5) فانتبه دائماً للسانك قال تعالى : (( وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ )) [ الإسراء : 36 ] يقول عبد الله بن مسعود : (( والله الذي لا إله غيره ما من شيء أحوج إلى سجن من لسان )) (6) ، وهذا ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن كان يقول : (( قل خيراً تغنم ، أو اصمت تسلم قبل أن تندم )) (7) .
أخي المسلم الكريم ، تمعن في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وشمائله وانظر كيف أنه كان كثير الصمت ، فهذا نبينا الأعظم رسولٌ ونبيٌّ وكانت هذه صفته ، وكان الأعرابيُّ يدخل المسجد فلا يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة كلامه ، ولا من جلسته ولا من مكانه ، وهذا دليل على مزيد تواضعه صلوات الله وسلامه عليه .
أخي المسلم الكريم ، تمعن في قول النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حينما قال : (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت )) (8) هكذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لأنَّ الصمت والسلامة لا يعدلهما شيءٌ ، فأنت إذا تكلمت إما لك وإما عليك قال تعالى : (( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ )) [ الانفطار : 10 - 11 ] فاحرص دائماً أنْ تقول قولاً سديداً ؛ لأنَّه ليس هناك كلام يذهب سدىً فأنت تتكلم بكلام إما يسخط الله فيكتب عليك ، وإما من رضوان الله فيكتب لك .
فعليك دائماً أنْ تتنبه إلى لسانك حتى لا يوردك الموارد ، فهذا أبو بكر الصديق المبشر بالجنَّة ، وصاحب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بالغار يشير إلى لسانه ويقول : (( هذا أوردني
الموارد )) (9) فإذا كان هذا حال لسان أبي بكر ، ذلك اللسان الذاكر الحامد المسبح ، الآمر بالمعروف ، الناهي عن المنكر ، الناصر لدين الله ، المصدِّق لرسول الله ، فما حال ألسنتنا ، نسأل الله السلامة .


............................
( ) أخرجه : البخاري 8/125 ( 6474 ) و8/203 ( 6807 ) من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه .
(2) تكفر : بتشديد الفاء المكسورة أي تتذلل وتتواضع له من قولهم : كفر اليهودي إذا خضع مطأطأ رأسه ، وانحنى لتعظيم صاحبه . تحفة الأحوذي 7/74-75
(3) أخرجه : ابن المبارك في الزهد ( 1012 ) ، والطيالسي ( 2209 ) ، وأحمد 3/95 ، والترمذي ( 2407 ) ، وأبو يعلى ( 1185 ) من حديث أبي سعيد الخدري .
(4) برقم ( 3932 ) .
(5) أخرجه : أحمد 2/159 و177 ، والترمذي ( 2501 ) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه .
(6) أخرجه : ابن أبي عاصم في " الزهد " ( 864 ) ، والطبراني ( 8744 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 1/134 .
(7) أخرجه : ابن أبي عاصم في " الزهد " ( 1043 ) ، وأبو نعيم في " الحلية " 1/327 – 328 .
(8) أخرجه : البخاري 8/125 ( 6475 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .
(9) أخرجه : وكيع بن الجراح في " الزهد " ( 287 ) ، وهناد في " الزهد " ( 1093 ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://daralhadeeth.yoo7.com
 
دروس تربوية في الأخلاق الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سلسلة التخلق بالأخلاق الإسلامية
» دروس ــ بلوغ المرام // الشيخ الدكتور ماهر الفحل

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى دار الحديث العراقية :: الدروس والمحاضرات-
انتقل الى: